شَكَّل الطاعونُ الوباءَ الأبرز تاريخيًّا؛ إذ كان يصيب العالم القديم على نحو متكرر وشبه منتظم، حاصدًا مئات الآلاف من الأرواح. تكثَّفت الكتابة عن الطاعون - بشكل مستقل - منذ الطاعون الكبير أو الطاعون الجارف (749هـ/1348م)، حتى شكل نوعًا خاصًا يمكن أن نطلق عليه، لكثرة المصنفات العربية فيه؛ أدبيات الطاعون. وإذا كان قد طُبع ونُشر بعضها، فإنه لا يزال العديد منها مخطوطًا، وهي جميعًا تعكس كيفية تفاعل النُّخبة العلمية (وخاصة الفقهاء والمحدثين) مع هذه الجائحة التي عجز الأطباء عن تشخصيها تشخيصًا دقيقًا وعن معالجتها أيضًا، ومن ثم وقعت توترات بين المرجعيتين الطبية التجريبية والدينية النقلية.
بمناسبة يوم المخطوط العربي (الرابع من أبريل) تستضيف المكتبة التراثية الدكتور معتز الخطيب، أستاذ المنهجية والأخلاق في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، ليستكمل مناقشة مجموعة من نصوص التراث العربي المتصلة بالوباء والطاعون من زوايا نظر مختلفة، والتي سبق للمكتبة تناول زوايا أخرى منها في فعاليات سابقة، ومقال منشور بالموقع الإلكتروني للمكتبة.
تسعى هذه المحاضرة إلى تقديم قراءة تحليلية للمخطوطات الكلاسيكية حول الطاعون، ويحاجج فيها معتز الخطيب لإثبات أن هذه الأدبيات يمكن أن تُدرج اليوم ضمن ما نسميه الموضوعات المتعددة التخصصات، وأن هذه المنهجية كانت سائدة في الكتابات الكلاسيكية، وتقدم أدبيات الطاعون نموذجًا واضحًا عليها حيث يجتمع فيها الطبي التجريبي، والحديثي النقلي، والكلامي، والفقهي، والأخلاقي.
يستعرض المحاضر أعمالاً خطيَّة مُحدَّدة ليستخلص منها القضايا المركزية التي يناقشها، وهي تدور في الجملة حول مسألتين مركزيتين: الأولى: تفسير الطاعون والجدل بين التفسيرات الدينية والطبية التجريبية، والنقاش حول الفرق بين الوباء والطاعون، وما يستتبع ذلك من الحديث عن العدوى، والأجر المترتب على من يموت بسبب الطاعون أو في زمنه. والثانية: مواقف المسلمين أثناء الأوبئة، وما يتصل بذلك من الدخول والخروج على أرض الطاعون، وأداء الشعائر الدينية الجماعية وغير ذلك.
ما هي احتمالية أن تنصح أصدقاءك بمشاهدة هذا الدرس؟